( الحلقة العاشرة من سلسلة الشيخ سيدي بوعمامة )

( الحلقة العاشرة من سلسلة الشيخ سيدي بوعمامة )

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد النبي الأمين وعلى آله وصحابته أجمعين

عرجنا في الحصة الماضية على حادثة الجذب التي أكرم الله بها عبده بوعمامة، وعن كيفية المراحل التي مر بها باختصار إلى أن فتح الله عليه وخرج من ذلك الحال الرباني...

واليوم نتعرض آخر، لا يقل أهمية من قبيل الإرهاصات والمقدمات التي تدل على ولاية هذا الرجل...

ذات يوم كان الشيخ بوعمامة يهم بالقيام بزيارة إلى مغرار لزيارة ضريح جده سيدي براهيم، ولألقاء نظرة على المنطقة وملاقاة الساكنة استعدادا للإقامة هناك. وفي تلك الليلة، رأى أحد المجاذيب كان يسكن بجواره قائلا يقول له: يا فلان، إن حاجتك ستقضى في ركوب فرس بوعمامة، وهو غدا سيرحل إلى مغرار على صهوة الفرس. فإن استطعت أن تمتطي الفرس قبل أن يركبها، فإنك ستقضى حاجتك كاملة، وإن لم تستطع ذلك قبل أن يركبها، فإنه سيحظى بحاجتك يضمها إلى ما عنده وتبقى أنت خاوي الوفاض، فاستعد لذلك وكن على بال...

وفي نفس الليلة كان الشيخ قد رأى قائلا يقول له: احذر يا محمد، غدا سيحاول فلان أن يأخذ منك الأمانة من على ظهر فرسك، إن توصل أن يمتطيها قبلك فإنه ستقضى حاجه على حسابك، وسيفوز بالأمانة دونك....

وما إن أذن الله بصلاة الفجر، حتى حضر الرجل إلى باب منزل الشيخ بوعمامة بصحبة خادم له، يتظاهر بذلك أنه يريد أن يودعه. وما إن أخرج أحد إخوة الشيخ بوعمامة الفرس مسرجة في انتظار خروج الشيخ الذي لم يكن بخلده أن الرجل واقف بالباب، حتى أسرع هذا الأخير محاولا أن يركب الفرس. ولما فطن له أخ السيد بوعمامة حاول أن يمنعه من ذلك،

ولكن الرجل أصر على وضع رجله في الركاب، فتشابك الرجلان، وكان بيد أخ الشيخ بوعمامة آلة ضربه بها على رأسه فتقهقر. حينها فطن الشيخ بوعمامة للصراع القائم بالباب، فخرج مسرعا، وأيقن أن الشجار واقع مع الرجل الذي رأى عليه الرؤيا. ولم يجد بدا إلا أن يسرع إلى ركوب فرسه، لتنتهي المشاجرة لما أيقن الرجل أن الفرصة قد فاتته، وأنه لا داعي لمواصلة العراك...

كانت هذه إحدى البشائر الواقعية التي جرت في فترة شباب الشيخ بوعمامة، تشير له أن مستقبلا زاهرا ينتظره، وأن هناك عناية خاصة تحفه، وما عليه إلا أن يعزم ويتوكل على الله..

ومن علامات بركة تلك الحادثة، أنه كان لهذه الزيارة نتائج مذهلة على صعيد قرية مغرار، حيث استقبلته الساكنة بشكل عجيب، وتهللت وجوههم واستبشروا خيرا بقدومه، والحوا عليه أن يقيم بينهم، ملتزمين بأنهم سوف يوفرون له جميع ما يحتاجه، بما في ذلك تشييد زاوية بمرافقها ومؤنها. والسبب، فإضافة إلى معرفتهم به وبأسلافه الميامين، فقد كانوا في حيرة من أمرهم، بسبب الأوضاع التي تردت إلى مستوى الحضيض،

وبسبب ما أصاب الناس من ذعر من جراء ما يروج عن تراجع ثورة أولاد سيدي الشيخ، ومن المخاوف أن تنزل فرنسا بديارهم وتذل الرقاب وتهلك الحرث والنسل. لذلك كانت هذه الطلعة الزكية بالنسبة للساكنة، بشرى سارة وتفاؤل كبير، ينتظرون منها أن يفتح الله على يد هذا الرجل ليعيد لهم الأمل والاعتبار. فكانت هذه هي البذرة الأولى لمقدمات استقرار الشيخ بوعمامة بقصر مغرار السفلي أو التحتاني كما يسمى، حيث أقام زاويته الأولى، وبدأت القبائل تبايعه...

ولكن هل غابت أعين الجبناء عن المشهد، وهل غفل النذلاء أو ارعووا، فقد كانوا يراقبون ما يجري على الساحة بكل دقة، بل ويشاركون أحيانا فيها متظاهرين بالفرح والسرور رياء، كي لا تفوتهم أي فرصة للتجسس، ويلتقطون كل ما يجري في الساحة وفي الكواليس، ولا يتورعون، ولا يتهاونون أن يبلغوا ساداتهم بقطها وقطميرها...

في الحصة القادمة إن شاء الله، سنواصل سرد أحداث أخرى، لعل الكثير منا لم يكن على علم بها، فانتظرونا إن شاء الله مشكورين ومأجورين على النصرة والاهتمام...

أخوكم أحمد حاكم

تاريخ النشر

30-05-2021

موقع الطريقة الشيخية الشاذلية ( طريقة أسلاف بيضاء نقية )

Mise en ligne le 15/11/2004. Tariqa-Cheikhiyya© 2004