مُريدي وخلفاء الشّيخ الصوفي في الطّريقة الشاذلية عبدالقادر بن محمد بن سليمان السماحي المدعو سيدي الشيخ (الأبيض سيدي الشيخ) (ت 1616ه)،
منهم الشيخ سيدي بلقاسم بن موسى المكنّى بن صابر دفين مزغران (ولاية مستغانم).
وكانت هذه الصائفة “سياحة الذّاكرة” فرصة لتذكر هذا النص الذي كتبه في كراسة صاحب كتاب “دليل الحيران” ، فزرت قبره بمزغران مع العائلة، وهو يطل على البحر في مرتفعات شهدت معارك ومقاومة ضد الاحتلال الاسباني ومنها “معركة مزغران المعلومة”، فقصّتها معلومة كما جاء في قصيدة فضل الجهاد والإشادة بانتصار الجزائريين والأتراك على الاسبان أبرز أبطالها سيدي لخضر بن خلوف (ت1585م).
مزغران رمزيّة جهادية وروحيّة وسياحيّة يتبع لها شاطئ صابلات الذي يقصده آلاف المصطافين وبها فنادق ومنتجعات، ولكن جمهُور السُّواح في الغالب يهمّه البحر وليس بحور المعرفة والذّاكرة والتاريخ والانتصارات والتقوّى، وهي بحورٌ لا سَاحل لها وبالمجّان.
وربما لأن مؤسّساتنا السّياحية والثقافية مازالت لم تنتبه للجمع بين السياحات (البحرية والثقافية والروحية)، وتنظيم مهرجانات أو أسواق أو لقاءات فيها الطّابع الشعبي والسّياحي، ويحتاج منّا ذلك إبداعاً واستثماراً نستغلُّ فيه المخزون الشعبي من تراث وتقاليد وإخراجه في أشكال جديدة لها ثمرات اقتصادية وسياحيّة وثقافية.
زرت الضّريح الذي لا تعريف له يشهد لحياته وأعماله كمعظم أضرحة وقبور علمائنا وصلحائنا في الجزائر الذي يُكتفى بسرد سيرهم ومناقبهم من المخيّلة الشّعبية، وإنْ وُجِد ذلك فيكتفون بتعليق شجَرة النّسب فقط إن كان شريفياً حسنياً أو حسينياً.
وحتى القَيِّمون على هذا الأضرحة (مُقدّمون وبوابُّون) لا يقدمون تعريفاً للزّوار ويكتفون بالدّعاء أو الرُّقية وأخذ الزيارة، وهذا تقليد توارثناه متروك للشعب بحرية كاملة، ويحتاج إلى نقاش هادئ ليس هذا موقعه.
صاحب الضّريح تحدّث عنه مؤلف كتاب “كعبة الطّائفين” محمد بن سليمان الجزولي بن الصّايم الذي شَرح نظم شيخه علي موسى اللّالتي (أجداده من حمام بوحنيفية –معسكر-) “حزب العارفين” في التصوف (احتمال وفاته سنة 1640) من عرب الحجاز ينتهي نسبه إلى عامر بن صعصعة، كان صِهْراً للشيخ بلقاسم بن موسى بن صابر صاحب هذا الضريح بمزغران، ويعتبره أحد شيوخه الثّلاثة إضافة إلى صاحب النّظم، وسيدي العبدلي (تلمسان).
سيدي بلقاسم المكنّى “بن صابر”، يلقّب ب”عروس الصّالحين” حسب معاصريه، ملتزم بالكتاب والسّنة، وكان يُدرِّس التوحيد، وكان كريماً وأنفق مالَه على العلماء والطّلبة، ومن أبرز تلاميذه صاحب “الكعبة” ولقّنه الأسماء.
يقول عنه: “وسَألت عنه سيدي عيسى العيسوم وكان مداحا للنّبي عليه الصلاة والسّلام “أنت رجل هرم قد خصّك الله بمما خصّك به، وأنت تتبع هذا الرّجل من مستغانم لتلمسان، وأراك راجعاً معه أيضاً، فما ظهر لك فيه؟ فقال: إنما أتّبعته ولا زمته لأنه عروس الصالحين اليوم”.
وقال عنه تلميذه صاحب “كعبة الطّائفين” في قصيدة منها:
نِعْم عَروس رام قلبي ولاءَه كذا استخارة وللقصد مهيَّع…ضياء لبِّه يكسُوه ثوي جماله ترى وجهه يزهُو ونوره يلمع…عَنيت بما قلنا أبا القاسم المكنَّى بطيرٍ إذا غنّى له الرّوح تسمع
ملحوظة: (“كعبة الطائفين وبهجة العاكفين في الكلام على قصيدة حزب العارفين” لمحمد بن سليمان الملقب بالجازولي، استفاد منه أبو القاسم سعد الله في تاريخه الثقافي عن القرن السابع عشر ميلادي ونال بتحقيقه رسالة الدكتوراه قيداري قويدر من جامعة تلمسان...
تحقيق مقدم الطريقة الشيخية الشاذلية حاكمي مصطفى
<< المصدر : إضغط هنا
من العلماء الصالحين الذين اخذوا الذكر والإجازة والسلوك في الطريقة الشيخية عن الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد المعروف بسيدي الشيخ رحمه الله
الولي الصالح سيدي بلقاسم بن موسى ( بوعصرية)
في أوراق الشّيخ المهدي البوعبدلي (رحمه الله،ت 1992) كرّاسة قرأت بعض نصوصها منذ سنوات، وفيها فقرة عن بعض