بسم الله الرحمن الرحيم


ترجمة مختصرة للشيخ سيدي عبد الحاكم رحمه الله

ترجمة مختصرة للشيخ سيدي عبد الحاكم رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه . الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله.

هو الولي الصالح الشهير محي الطريقة الشيخية الشيخ العارف بالله الوارث المحمدي المربي المجاهد سيدي عبد الحاكم بن الشيخ المجاهد سيدي الطيب بن الشيخ المجاهد سيدي بوعمامة قدس الله سرهم ورحمهم.

ولد الشيخ سيدي عبد الحاكم سنة 1903م. بإبن غياضة بالجبل الأخضر بالقرب من عمالة بوعرفة ناحية فجيج المغربية، في حياة جده الشيخ بوعمامة رحمه الله.

والدته هي الولية الصالحة الزاهدة : للا فاطنة بنت عبد الله من أبناء سيدي بنعيسى أحد فروع قبيلة أولاد سيدي الشيخ.

تعلم القرآن الكريم والفقه وعلومه على يد مجموعة من الفقهاء الذين تعاقبوا على الزاوية، فعاش هو الآخر صباه في الترحال والتنقل إلى جانب والده وجده الشيخ سيدي بوعمامة في ظروف استثنائية معروفة بجهاد ونضال الشيخ بوعمامة ضد الاستعمار الفرنسي بحكم الأوضاع السائدة انذاك في الجزائر و الشرق المغربي وشمال إفريقيا عموما ، كانت أوضاع جد صعبة كانت تعيشها معظم قبائل هذه المنطقة من دسائس ومخططات الإدارة الإستعمارية الفرنسية للمقاومين وعوائلهم.

إهتم الشيخ سيدي عبد الحاكم بأمور الطريقة والزاوية منذ أن قوي عوده، فكان هو القائم بأمرها والمنظم لها والراعي لشؤونها، وهذا ما جعل والده يؤهله لأهليته وصلاحه، و فراسته فيه، بحيث إنتقلت إليه مشيخة الطريقة الشيخية. بعد وفاة والده وشيخه سنة 1935م. بوصية عدلية .

يقول الشيخ بن سعد المطهري:

سيد الطيب راه غيَّب = ومشى عز المرابطين
يا رب واش ذا القصية = منها رانا محيرين
سيدي حكوم راه خلفه = ورث أباه وزاد جده....

فكان قائما على الأمانة، مراعيا للطريقة الشيخية في كل بقعة تواجدت بها، بحيث صار في عهده مقدمون من جل القبائل في جنوب غرب الجزائر، وشرق المغرب ووسطه، وكان على نهج جده سيدي الشيخ بوعمامة وأبيه سيدي الشيخ الطيب دائما يدعوا لِلَمِّ صف الطرق الصوفية ووحدتها وتعاونها ضد الإستعمار ، كما عُرف بتنظيمه لملتقيات و رحلات لوسط المغرب وغربه ، وقد لبى دعوة العالم الشيخ الكتاني الذي كان قد نظم ملتقى سنة 1949م بمدينة فاس، و إسطحب معه في سيارته الخاصة بعضا من سادتنا مشائخ الطرق الصوفية من شرق المغرب، منهم الشيخ سيدي العباس شيخ الطريقة البودشيشية، الذين كانت تربطهم جميعا بالشيخ سيدي عبد الحاكم علاقة محبة واحترام خاصة ، لدرجة أنهم كانوا يقدمونه في المجالس والمداخلات والدعاء، فأهل الله وخاصته يعرفون قدر بعضهم، نفعنا الله بعلمهم.

وكان كثيرا ما يُذَكِّر ويعظ مريديه و أحبابه بأبيات لأبيه وشيخه الشيخ العارف بالله القطب سيدي الحاج الطيب بن بوعمامة نفعنا الله ببركته، بقوله:

نوصيكم يا الذاكرين الله الله = بها فازوا الرجال في علم التذكير
الوصية هي إمتثال أمر الله = وسنة سيدنا البشير النذير
هي الحصن المتين من عذاب الله = من لازمها يكون عند الله في الخير

كان رحمه الله سندا للمقاومين من أجل تحرير البلاد من الإستعمار الغاشم، مدَعِّما لهم بكل ماأوتي من جهد وحكمة، لقد شارك سيدي الشيخ عبد الحاكم بدوره في الجهاد، وتوفير العدة والعتاد للثوار والمقاومين بالزاوية الصغرى ( وأرضها التي اشتراها من ماله الخاص، وكانت من الأسباب المباشرة لتراكم الديون عليه، عِلما أن سيدي الشيخ عبد الحاكم أخذ على عاتقه زيادة على ذلك تأدية الديون الكبيرة التي كانت على والده الشيخ سيدي لحاج الطيب من طرف السيد بن قلفاط التلمساني،

لأن الزاوية الكبرى في عهد سيدي الشيخ الطيب كانت محاصرة من طرف المستعمر وكانوا موضوعين كلهم تحت الإقامة الجبرية من طرف الفرنسيين، ولا يستفيدون مباشرة من موارد أرض الزاوية الكبرى..، وكذلك ان الشيخ سيدي الطيب كان لا يتحرك إلا بتسريح خاص مباشر مكتوب وممضي من طرف الحاكم الفرنسي الغاشم ..(كانت عليهم هموم وضغوطات كبيرة جدا ومؤلمة..المهم أنهم صبروا وصمدوا ولم يستسلموا للمخطط الإستعماري ولم يتوقفوا عن دعم الثورة التحريرية المباركة....)

(ركز كثيرا شيوخ الطريقة الشيخية على دعم جبهة التحرير .)
معروف أن جبهة التحرير الجزائرية إستفادت بشكل مباشر من الزاوية الشيخية الصغرى بمنطقة (الغفورية) . إستفادت جبهة التحرير Front de libération nationale من 13 هكتاراً من أرض الزاوية الشيخية الصغرى السقوية ومرافقها وسكانها من أبناء الزاوية قلبا وصلبا لمدة 5 سنوات من سنة 1956م إلى سنة 1961م وما زالت بعض آثار ذلك إلى يومنا هذا.....
ومن مواقف ومجهودات الزاوية الشيخية الشجاعة فقد تم إعلان أول جمهورية جزائرية برئاسة السيد يوسف بنخدة في اجتماع سري في الزاوية الشيخية بالغفورية تبركا بزاوية الشيخ سيدي بوعمامة.. وما تحمله هذه الواقعة من معاني سامية بالنسبة لكل المقاومين في شمال إفريقيا أنذاك ، حيث كانت أول خطوة مباركة في هذه الزاوية العامرة، بعدها تم طرح مشروع الإعلان عن أول جمهورية جزائرية في دولة مصر الشقيقة..

فيا له من تشريف قد حضي به رجال المرحلة أنذاك بأن تبركوا بزاوية سيدي الشيخ بوعمامة قدس الله سره،
وهذا كله لدليل قاطع على أن مقاومة الشيخ سيدي بوعمامة لم تتوقف بعد وفاته وإستمرت في أبناءه وحفدته ومحبيه وفي فروع الزوايا الشيخية في الجزائر وشرق المملكة المغربية إلى أن حصلت الجزائر على إستقلالها وإكتملت فرحة الشعب المغربي وملكه الراحل سيدي محمد الخامس رحمه الله. بإستقلال الجارة الشقيقة.

وما لا يعلمه البعض كذلك ..أن الشيخ سيدي عبد الحاكم فتح زاويته العامرة عام المجاعة في الأربعينيات من القرن الماضي للفقراء واليتامى والمساكين وعابري السبيل، ودون التمييز بين هذا أو ذاك، ونال بذلك وسام الرضى رقم 108.
بتاريخ01/12/1948. من طرف الملك المجاهد سيدي محمد الخامس طيَّب الله ثراه ،
و لازال الوسام الملكي في زاويتنا العامرة عند شيخنا سيدي حمزة حفظه الله.

وكان الشيخ سيدي عبد الحاكم معروفاً بحكمته وكلمته الطيبة وخاصة في إصلاح ذات البين والنزاعات القبلية، ومرتبته الإعتبارية السامية التي نالها بسبب خدمته لعموم الناس مكَّنته من نيل إحترام وتقدير العدو والصديق، مما دفع بعض الأعداء هداهم الله لبغضه وحسده، ولا عجب في ذلك العداء : لأن شيخنا المجاهد سيدي بوعمامة مجدد الطريقة الشيخية الشاذلية ترك قولة معروفة في حق حفيده الشيخ سيدي عبد الحاكم، قال فيها: (وقت حكوم وقت الشوم واللوم..) فإشارة و قولة سيدي بوعمامة كرامة معروفة ، فهي فراسة أهل الله وخاصته كما جاء في الأثر ، إتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله. ،حيث أن سيدي الشيخ بوعمامة كان يعلم أن حفيده سيتعرض للمضايقات.

كان سيدي الشيخ عبد الحاكم كثير الترحال لنشر الطريقة الشيخية الشاذلية، وكانت أسفاره تطول، يُروى أنه كان في سفر إلى صحراء الجزائر ، وطَلب منه مقدمه سيدي الحاج محمد بن بحوص شيخ زاوية عين السخونة مُرافقته، للإشارة: (فإن سيدي الحاج محمد هو من قام بحفر مقام شيخه سيدي الشيخ الحاج الطيب (الخلوة..) فطلب الأخير أن يصحبه في بعض رحلاته، ولم تكن بعض المناطق الصحراوية التي كانوا يقصدون زيارتها معبدة بالطرق الرئيسية كي يَستعمل سيدي عبد الحاكم سيارته الخاصة، فاضطر أن يستعمل الجمال والخيل في تلك الرحلة الإستثنائية، فغاب هو وسيدي الحاج محمد بن بحوص مدة ستة أشهر، وكان الغرض من تلك الرحلة تقوية وتجديد العلاقة مع القبائل التي كانت على عهد المحبة والجهاد والطريقة الشيخية إبان فترت الشيخ سيدي بوعمامة والشيخ سيدي الطيب قدس الله سرهم ،

كانت الرحلة ناجحة بكل المقاييس حمدا لله، حيث قام بتعيين وتجديد مقدمين جُدد للطريقة الشيخية في أقصى جنوب الجزائر .
وكذلك مما قام به خدمة للطريقة الشيخية أثناء جولته بتأليف مخطوط (كتاب) سجَّل فيه أسماء كل المقاديم الذين عيَّنهم، مع ذكر أسماء القبائل المعروفة مثل الشعانبة وذوي منيع والأغواط والعمور والرزايية والشرفاء والبوبكرية وغيرهم من القبائل الوفية والمخلصة للطريقة الشيخية.

كانت مغامرة كبيرة في تلك الشهور، و لم تكن سهلة بالنسبة لهما، حتى ظن من كان ينتظر بشوق عودت الشيخ سيدي عبد الحاكم وسيدي الحاج محمد بن بحوص أنهما هلكا في الطريق.. وكرامات وقِصص أخرى عديدة متواترة، منها الموثقة وأخرى مشافهة ، سوف يتطرق إليها الكتاب الذي سَيُطبعُ قريبا في حق هذا الشيخ العظيم، عَلَّنا نفي ولو ببعض ما يستحقه، وسيكون الكتاب مرفوقا بوثائق ومخطوطات مهمة إن شاء الله.

من آثار الشيخ سيدي عبد الحاكم المخطوطة

-شروط الطريقة الشيخية.
-ديوان القبائل والمقدمين.
-بعض أخبار أقطاب الطريقة " سيدي الشيخ الحاج الطيب- سيدي الشيخ بوعمامة- سيدي الشيخ عبد الحاكم

قصيدة رثاء والدته التي توفيت سنة 1933م، تتكون من 32 بيتا..مطلع القصيدة:

مصاب كما ترى علي جليل = لقد هضمني الدهر يوما بنكبة
لعمري بقيت اليوم أحقر مولدا = يساومني الأعداء بأبخس قيمة....

إنتقل إلى رحمة مولاه بعد مرض طال به ما يزيد عن أربع سنوات، في الثامن من ذي القعدة 1386ه - الموافق 28 فبراير 1966م.
ودفن خلف والده بمقر الزاوية البوعمامية الشيخية العامرة قرب مدينة عين بني مطهر "المغرب "، ليخلفه إبنه سيدي الشيخ الحاج حمزة شيخا على رأس الطريقة الشيخية بوصية مكتوبة.

اللهم أمدنا بأمدادهم يا الله ويا كريم ،
لقد ترك الشيخ سيدي عبد الحاكم سبعة عشر ولدا وبنتا من ثلاث زوجات كالتالي:

من السيدة فاطنة بنت إبراهيم من آل الحاج أحمد البوشيخيين القاطنين بمغنية الجزائر :

" حمزة "- الطيب - مصطفى - فاطنة -رقية ربيعة."
من السيدة ربيعة بنت الحاج بحوص مقدم الطريقة الشيخية دفين زاوية السخونة دائرة الرقاصة ولاية البيض بالجزائر : "بوعمامة - محمد - خيرة - عائشة - فاطنة - زبيدة - صالحة- حجاجي."
من السيدة يمينة بنت محمد من أهل مغرار :
"إبراهيم - عبد القادر - الزهرة - زوليخة.."

اللهم جدِّد الرحمات على شيخنا المجاهد سيدي عبد الحاكم وجازيه عن الإسلام والمسلمين والطريقة الشيخية خير الجزاء وأسكنه في أعلى عليين رفقة حبيبك المصطفى صلوات ربنا وسلامه عليه، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..

المصدر

عن خليفته شيخ الطريقة الشيخية الشاذلية الحالي سيدي حمزة بوعمامة البوشيخي الصديقي حفظه الله .

موقع الطريقة الشيخية الشاذلية ( طريقة أسلاف بيضاء نقية )

Mise en ligne le 15/11/2004. Tariqa-Cheikhiyya© 2004