رسالة جوابية من الشيخ سيدي الطيب بن بوعمامة الى ابنه سيدي عبد الحاكم

رسالة جوابية من الشيخ سيدي الطيب بن بوعمامة الى ابنه سيدي عبد الحاكم

نموذج من الرسائل الجوابية من الاب لابنه

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله وصلى الله وسلم على رسوله الكريم و آله وصحبه .

إبني العزيز عبد الحاكم و عليك السلام التام وبعد : وصلني كتابك وفرحت بقولك حيث فيه شفقة ورأفة على والديك فلا تكون الرحمة إلا للمرحومين.... إرحم من في الأرض يرحمك من في السماء، ولين بالوالدين (كذا) وثانيهما شهادتك " فهذا حق الإبن على أبيه . وثالثها خوفك من الله وملامة نفسك وزجرها وعتابها وقلت : عدم رؤيتك لها بالصلاح والنجاح " هكذا نحبك أن تكون والحمد لله . فإن حكمة الله فيك وبركاته تكون عليك . فلا تخاف من فقر بل خاف من خالقه هو الذي بيده جنود الرحمة والأرزاق فلو عددنا جنود الرحمة ما أحصيناها (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) فلو عددنا نعمة حسن صورتنا ( هو الذي صوركم فأحسن صوركم ) ما قدرنا على رد نعمتها و ما هو متعلق بها من سمع وبصر و تلذذ . وكل شيء يطول ذكره و يضيق كتابه فلا ينبغي لنا سوى الشكر على نعمته، اللهم لك الحمد، وله الحمد كما أثنى على نفسه لا نحصي ثناء عليه . وأكبر من هذا كله نعمة الإسلام التي تعاظمت علينا وجعلنا من أهلها . فبأي لسان نشكره ؟ وبأي حمد نحمده ؟

وما ذكرته من أمر المساجد و الآبار و غيرها فلا لي شكر في ذلك بل توفيقى ورزقي من عنده " و عنايتي به وحركاتي به " فما بقي لي بعد هذا شيء و الله ما لي نفس ولا مال ولا حركة ولا سكون، (وما تشاؤون الا ان يشاء الله) . هوالقادر . قدر ما كان وما يكون . فلا قدرة للكون إلا ما كون الله فيه . فلا تنسب الأشياء للعاجز الجاهل . فهذه أوصافنا فما بقي لنا بعد هذا إلا هو . ولا أشياء تذكر إلا الله وحده لا شريك له فالمنفي لا يثبت له جسم ولا فعل " بل خيال يدور بدوران الأنوار الربانية . فيا له من نور لو إهتدينا به . أما ما رأيته من حالتي الوهنة فكيف يا إبني يستقيم حالي وأنا بين خوف ورجاء فكم من عاقبة ترتجى . وإن الإعوجاج لا يفارقني . ووصفني خالقي الذي هو أعرف مني بنفسي بقوله : ( انه كان ظلوما جهولا ) فلا أدري ظلمي و جهلي أين يسوقني . ولولا رحمة ربي ورجائي فيه الجميل " ليئست " حيث وصفي ظلم وجهل " فجهل يلقى بكل بلاء " وظلم يلقى في النار لقوله تعالى : ( الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم يظلم ) فهنا ذهب المفتاح و إنغلق الباب " ولم يبقى إلا الفتاح لمن ضل منه المفتاح . فيا إبني لا تعتمد على زيد ولا على عمر .

فمن قال أدخل الجنة بعملي " فكافر و أحمق . ومن قال أدخل بلا عمل فكافر وأحمق، فأعقلها وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا، هو حسبي ونعم الوكيل . فالمومن بتوفيق الله يسير و هو يكفيه " وغيره بقدر الله، فعليك بالتضرع و التوكل و الإعتماد عليه . وإياك و الخوض في بحر العجب . فمن تعجب في نفسه و عمله " فقد هلك هلاك لا له إنفكاك . فتضرع إليه وأدعه " فهو المجيب القريب أن يمنحك منحة يصفى بها سرك من كل ناقصة و نجسة و بعد من الله " بل يقربك إليه حتى لا تسمع و لا ترى ولا تعرف إلا هو لتكون مستريحا من جميع الهموم و الغموم . و توسل إليه بجاه كل رسول " صلى الله عليه وآله وسلم" و كل نبي و كل ولي و كل مؤمن و مؤمنة . الله يريني فيك ما يحبه الله وأولياؤه و ما أحبه لك " و كذلك إخوانك كلهم و أمك التي هي ركن من أركاننا " وأولادك على أعقابك بكل خير " و السلام .

الطيب بن ابي عمامة لطف الله به .

تحقيق مقدم الطريقة الشيخية حاكمي مصطفى

رسالة جوابية من الشيخ سيدي الطيب بن بوعمامة الى ابنه سيدي عبد الحاكم

موقع الطريقة الشيخية الشاذلية ( طريقة أسلاف بيضاء نقية )

Mise en ligne le 15/11/2004. Tariqa-Cheikhiyya© 2004