رسالة من شيخ الطريقة الشيخية الشاذلية الشيخ سيدي الحاج الطيب بن أبي عمامة ( المتوفى : 3 من شهر صفر الخير سنة 1354ه الموافق ل 7 من شهر ماي 1935م ) إلى مقدميه وفقرائه بمدينة توات بالجزائر
نقل وتحقيق حاكمي مصطفى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
أحباؤنا الكرام الإخوان في الله ( المقدم السيد قدور بن عمار، والمقدم السيد أحمد وكافة الفقراء والمحبين في الله ).
وبعد إخواني قد بلغني أنكم متحاسدين ومتباغظين، وهذا لا ينبغي لكم من كل جانب، أولها أنكم مسلمون مومنون والله تعالى يقول ( إنما المومنون إخوة ) جمعكم الإسلام وألفكم، وثانيها أنكم متمسكون بحبل أهل الله وشهدتم على أنفسكم بمبايعة شيخكم، ومبايعة الشيخ تكون بأوصاف أولها أن تكونوا كذات واحدة تتألم بألم واحد وتستريح براحة واحدة لا فرق فيها .
تحبون بعضكم بعضا وتتناصحون وتتواصلون، فالجاهل يعلمه العارف، والعارف يرفق بالجاهل ويحسن له حتى يتعلم بسهولة ويحسن في تأديبه.
فيا إخواني من كان يؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فليقل خيرا أو يصمت، فيا إخواني نحبكم أن تكونوا تجتمعوا وتتذاكروا وتنتهوا عن كل شيء فيه ذنب ومعصية وإياكم والكبر فمن تكبر فقد خرج من حزب الشيخ وحزب الله ورسوله ولا تغتابوا فمن إغتاب فقد نزع قدمه من طريق أهل الله ولا تتحاسدوا فمن حسد فكذلك .....
وأكثروا من الأذكار والصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، حيث هي مفتاح كل ذكر وبها تتم العبادة وبها تتنور القلوب، والصلاة المفروضة بتمام ركوعها وسجودها وفرضها وجميع ما تحتاج إليه، والزكاة والحج على من إستطاع.
فيا إخواني إن شيخكم تعرض عليه أعمالكم فأصلحوها ولا تفعلوا ما يعود عليكم إثمه فتهلكوا، فيا إخواني قد بلغني أن فيكم من يبغت المشائخ وينظر إليهم بعين الإحتقار، فيا إخواني أنتم وإياهم ملة واحدة ( رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واحد، وكتاب واحد) فما هو الفرق الذي وجدتموه بين هؤلاء حتى فرقتم بينهم فما هي إلا أسماء سميتموها أنتم ما أنزل الله بها من سلطان، فيا إخواني لا فرق إلا في الأذكار كل واحد ذكر الله بما وفقه وألهمه، وكلهم من رسول الله، فيا إخواني جميع مجالس الذكر مع أي شيخ كان لله وإبتغاء مرضاته، فأجلس فيها وأذكر بذكره ولا تتخلف عنه فما هي إلا أنوار تتنورون بها وأذكار تتعبدون بها وإخوان تتعاملون معهم في الدين، فلا فرق ومن فرق فقد تزندق، فيا إخواني إني أخاف عليكم مما ذكرته ونحذركم منه، فالتسليم والآداب وحسن الظن بالله وبشيخك وبجميع المشائخ فقد أمرنا شيخنا ( الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد ) توسل بهم تنل سريع الإجابة .
فمن تمسك بشيخ وكان على نهجه بغير مخالفة فقد تمسك بجميع المشائخ من أولهم إلى آخرهم . فيا إخواني أخبركم بأهل الصلاح والفلاح الناجحين وهم المومنون بعهد الله إذا عاهدوا القائمين بأمر الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم مع أي شيخ كانوا فما هي إلا طريقة واحدة وإن تعددت، كتاب ورسول وسنة وذكر لا زائد على هذا، إنما المنحة تكون متفرقة على قدر الإجتهاد بهدايته وتوفيقه، وإياكم أن تفرقوا وتغرنكم الأقوال الكثيرة فإن المعنى واحد والأصل واحد، شجرة مثمرة يأكل منها كل ورد إليها وأخذ بيده، عرقها في اللوح المحفوظ من الله الغني الكريم، وفرعها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمينها جبريل عليه السلام، وأنهارها الأذكار والأدلاء أولياؤه وعلماؤه العاملون فما هو الفرق ؟؟
وإنما الفرق يكون عند من لا علم له جاهل بحقيقة الأمور، وإن أمرك الشيخ بالإعتزال عن المشائخ في أيام التربية فمقصوده الواحد هو أن لا تشغل نفسك بكثرة الشيوخ حتى يعلمك ويخبرك بجميع طرق الخير ويحذرك من طرق الشر، وحين يراك عرفت المسالك وتمسكت بالعروة الوثقى عند ذلك يأمرك بالجميع والإتصال مع الجميع فلا يكون الفرق ما الفرق إلا في واحدة وهي المنحة الربانية . كما بلغني أن بعض الإخوان تكلم في هذه الصلاة : ( اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله كما لا نهاية لكمالك وعد كماله ) فإن الواحدة منها تعدل دلائل الخيرات عشر مائة .
وثانيهما : 1- ( اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ........................ فصل اللهم به فيه من هو عليه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين .) خمسة منها فدية وتعدل دلائل الخيرات ثماية عشر ألف وقيل كذا وخمسين .
ومنها الفاتح لما أغلق فيها من الأجر ما لا يحصى ويعد .
ومنها : ( اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات إلى آخرها وكثيرا لا يحصى .
وأما الشيخ أبينا فقد أمر بالصلاة خمسة وعشرين دبر كل صلاة وهي الصلاة المذكورة أولا اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله كما لا نهاية لكماله وعد كماله .
ومن زاد زاده الله من فضله .
حفظكم الله بالسنة والكتاب وأغاثكم بعنايته قبل يوم الحساب، وكونوا عباد الله مخلصين ذاكرين شاكرين صابرين محافظين على حدود الله . والسلام
الطيب بن أبي عمامة .
رسالة من شيخ الطريقة الشيخية الشاذلية الشيخ سيدي الحاج الطيب بن أبي عمامة